رحلة البطل: 4 مراحل لصناعة بطل لا يُنسى
- الفئة كتابة السيناريو
- التاريخ 5 يوليو، 2024
تُعد “رحلة البطل” (Hero’s Journey) واحدة من أبرز الأطر السردية المستخدمة في كتابة السيناريو السينمائي. هذا الإطار، الذي طوره الكاتب جوزيف كامبل، يعتمد على مراحل متنوعة يمر بها البطل، بدءًا من مرحلة المغامرة إلى التحديات الكبرى والعودة محملاً بالحكمة. رحلة البطل ليست مجرد أداة للسرد، بل هي خريطة تمنح القصة بُعدًا عميقًا يجعل الجمهور أكثر تفاعلًا مع الأحداث والشخصيات. يتيح هذا الإطار للكتاب بناء شخصيات محورية ذات طابع ديناميكي، حيث يمر البطل بمراحل تغيره وتحوله من شخصية عادية إلى رمز يستلهم منه المشاهدون.
في هذا المقال، سنستعرض أربع مراحل أساسية في “رحلة البطل”، وكيفية توظيفها بشكل فعال في الأفلام لخلق تأثير درامي عميق يصل للجمهور.
1. النداء إلى المغامرة ورفضه
تبدأ رحلة البطل عادةً بمرحلة الروتين اليومي لحياته، حيث يعيش حياة اعتيادية قبل أن يتلقى “النداء إلى المغامرة”. هذا النداء يشكل نقطة البداية للتحول ويعني مواجهة البطل لتحديات جديدة قد لا يكون على دراية بها. لكن في بعض الأحيان، يرفض البطل هذا النداء بدافع الخوف أو التردد، مما يُظهر الجانب الإنساني له ويزيد من قربه للمشاهدين.
مثال شهير على ذلك هو شخصية “نيو” في فيلم The Matrix، الذي يعيش حياة عادية إلى أن يظهر له “مورفيوس” ويقدم له النداء لاكتشاف الحقيقة. هذه المرحلة تلعب دورًا حاسمًا في بناء التوتر الدرامي؛ حيث يُظهر الرفض البداية الأولية لرحلة البطل ونقطة تحول محتملة.
يُعد رفض البطل في هذه المرحلة ضروريًا لأنه يضيف طبقة من التوتر ويُظهر للمشاهدين أن التحديات ليست بسيطة، مما يضفي الواقعية والإنسانية على الشخصية ويجعلها أكثر ارتباطًا بالمشاهدين.
2. لقاء المرشد والعبور إلى عالم جديد
عندما يستجيب البطل للنداء، غالبًا ما يلتقي بمرشد يُعطيه النصيحة والدعم. المرشد قد يكون شخصية تمتلك الحكمة والخبرة، ويمثل دورًا رئيسيًا في إعداد البطل للمغامرات القادمة. يتميز هذا الجزء بكونه نقطة التحول الأولى للبطل، حيث يكتسب المهارات أو المعرفة التي ستساعده في التغلب على الصعوبات التي تنتظره.
في فيلم Star Wars، يُعتبر “أوبي وان كينوبي” المرشد لـ”لوك سكاي ووكر”، حيث يعلمه طرق استخدام القوة ويُرشده في كيفية مواجهة تحدياته. هذا اللقاء بالمرشد ضروري لأنه يُكسب البطل أدوات النجاح ويمهد له الطريق للتغلب على المخاطر المقبلة.
كما يتبع لقاء المرشد مرحلة العبور إلى عالم جديد مليء بالتحديات، حيث يجد البطل نفسه في بيئة غير مألوفة مليئة بالصعاب التي تتطلب منه الشجاعة والتصميم. يضيف هذا التحول عنصر الإثارة إلى القصة ويُبقي الجمهور في حالة ترقب.
3. الاختبارات والتحديات الكبرى
بعد العبور إلى العالم الجديد، يواجه البطل سلسلة من الاختبارات والتحديات. هذه المرحلة هي قلب رحلة البطل، حيث يُظهر فيها الشخصية الشجاعة والمهارات التي تعلمها من المرشد. كل اختبار يزيد من نضج البطل ويعزز من قوته الداخلية، مما يجعله أقرب لتحقيق هدفه.
التحديات قد تشمل مواجهة خصوم أو التغلب على صعوبات جسدية أو نفسية. على سبيل المثال، في فيلم The Lion King، يواجه “سيمبا” مجموعة من التحديات التي تتطلب منه الشجاعة والإصرار، كما يُجبر على مواجهة ماضيه والخروج من دائرة الخوف.
يُظهر اجتياز هذه التحديات كيف تطورت الشخصية وأصبحت أكثر نضجًا. كذلك، تضفي هذه المرحلة على القصة زخمًا وتزيد من تعقيد الحبكة، حيث تصبح التحديات أكثر صعوبة ويتعين على البطل استخدام كل ما تعلمه.
4. العودة مع الجائزة والنضج
المرحلة الأخيرة في “رحلة البطل” هي العودة إلى العالم العادي محملاً بالجائزة أو الحكمة التي اكتسبها من مغامرته. هذه الجائزة قد تكون مادية، كحصوله على كنز أو إنقاذ أشخاص، أو معنوية، كاكتسابه الحكمة أو تحقيق السلام الداخلي. يُظهِر البطل في هذه المرحلة نموه الداخلي وتطوره النفسي، حيث يعود إلى مجتمعه كشخص مختلف يحمل معه الخبرة والمعرفة.
في فيلم The Lord of the Rings: The Return of the King، يعود “فرودو” بعد رحلة طويلة، وقد تغيرت شخصيته وتعلم الكثير عن معنى الشجاعة والصداقة والتضحية. العودة بالجائزة تمثل إكمال رحلة البطل وبلوغه النضج الكامل، مما يُظهر قيمة الصعوبات التي مر بها ويُضفي على القصة نهاية ملهمة.
تُعتبر هذه المرحلة أيضًا تأكيدًا لأهمية الدروس المستفادة من الرحلة، حيث تُظهر كيف يمكن للبطل استخدام تجربته لصالح الآخرين، مما يعزز من التأثير الدرامي للقصة ويمنحها بُعدًا فلسفيًا.
استخدام رحلة البطل في بناء السيناريو
تُستخدم رحلة البطل كأداة أساسية في السيناريو لبناء حبكات مؤثرة تجعل الجمهور يتفاعل بعمق مع الشخصيات والأحداث. من خلال تقسيم القصة إلى هذه المراحل، يتمكن الكاتب من بناء قصة منظمة ترتبط بجمهور واسع، حيث يتمكن المشاهدون من التعرف على صعوبات وتحديات مماثلة في حياتهم الشخصية.
يساعد هذا الإطار أيضًا على تنظيم الأحداث بطريقة تصاعدية، مما يزيد من التوتر ويُبقي الجمهور مشدودًا لمعرفة كيف ستنتهي القصة. رحلة البطل لا تقتصر على نوع معين من الأفلام؛ بل يمكن استخدامها في مختلف الأنواع، سواء كانت أفلام المغامرة، الدراما، الخيال العلمي، أو حتى الأفلام الكوميدية، مما يجعلها أداة شاملة لتطوير السيناريو السينمائي.
خاتمة
تُعتبر “رحلة البطل” أحد الأطر السردية الأكثر استخدامًا وفعالية في السينما، حيث تتيح للكاتب بناء شخصية متكاملة تتغير وتتحول عبر مراحل القصة. من النداء إلى المغامرة إلى العودة بالحكمة، كل مرحلة تضيف عمقًا ومعنىً جديدًا للقصة وتُبرز الجوانب الإنسانية للبطل. إن نجاح العديد من الأفلام الشهيرة باستخدام هذا الإطار يؤكد على قوته في جذب الجمهور، وإبراز المعاني العميقة التي تُلامس قلوبهم .
إذا كنت في السعودية، فأنت محظوظ بفرصة التعرف على المبادرات والبرامج المقدمة من وزارة الثقافة، ممثلة في هيئة المسرح والفنون الأدائية وهيئة الأفلام ، وإذا كان لديك رغبة في انتاج البرامج أو الأفلام فلا تتردد في التواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا او عبر او الواتساب