4 تقنيات لـ كتابة سيناريو مقتبس عن الروايات
- الفئة التصوير السينمائي
- التاريخ 14 نوفمبر، 2024
- التعليقات 0 تعليق
كتابة سيناريو مقتبس عن الروايات عملية إبداعية معقدة، إذ تتطلب التوازن بين المحافظة على جوهر القصة الأصلي وتكييفه مع الوسيلة السينمائية التي تعتمد على الصورة والحركة أكثر من الكلمات. عندما يقوم كاتب السيناريو بتحويل رواية إلى فيلم، فإنه يتحمل مسؤولية كبيرة في اختيار الأحداث والشخصيات والأماكن التي تستحق الظهور على الشاشة وتلك التي يمكن الاستغناء عنها. لتحقيق التوازن المثالي، يحتاج الكاتب إلى اتباع إرشادات وخطوات محددة تضمن تقديم العمل بشكل يلائم السينما ويجذب الجمهور. في هذا المقال، نستعرض أربع خطوات رئيسية تساعد في كتابة سيناريو مقتبس يحافظ على روح الرواية الأصلية ويعزز جاذبيتها في قالب سينمائي .
1. فهم جوهر القصة
أول خطوة في كتابة سيناريو مقتبس هي الفهم العميق لجوهر القصة. الروايات غالباً ما تكون غنية بالتفاصيل والمشاعر، ولكن ليس كل شيء مكتوب على الورق يمكن ترجمته إلى الشاشة بنفس القوة. لذلك، على كاتب السيناريو أن يستخلص العناصر الأساسية التي تجعل الرواية فريدة وجذابة، مثل الشخصيات المحورية والأحداث الأساسية والمواضيع العميقة التي تعبر عنها.
يجب أن يتساءل الكاتب: ما الذي يجعل هذه الرواية خاصة؟ ما الفكرة أو الرسالة الأساسية التي يحاول الكاتب إيصالها؟ عندما يستطيع كاتب السيناريو الإجابة على هذه الأسئلة، يمكنه البدء في بناء سيناريو يركز على ما هو جوهري للقصة، متجنبًا التشعبات التي قد تضعف تأثيرها. مثلاً، إذا كانت الرواية تركز على رحلة البطل نحو اكتشاف ذاته، فيجب أن يتم التركيز في الفيلم على الأحداث التي تعكس هذا التطور.
يعتبر أيضاً من المفيد تحديد الجوانب العاطفية والرؤيوية في الرواية والتي يجب إيصالها عبر لغة السينما. ففهم المشاعر والأفكار التي تحيط بالشخصيات والأحداث يمكن أن يساعد كاتب السيناريو على اختيار العناصر التي تعكس تلك الجوانب بفعالية على الشاشة.
2. التحويل من الوصف إلى الصور البصرية
أحد أكبر التحديات في تحويل الروايات إلى أفلام هو الترجمة من النص المكتوب إلى الصورة المتحركة. الروايات غالباً ما تحتوي على أوصاف دقيقة وعميقة للمشاهد والشخصيات، لكن في السينما يجب الاعتماد على الصور والحركة لإيصال نفس الأفكار والمشاعر. يجب أن يتحول الوصف الطويل للمشاعر أو الأماكن إلى مشاهد بصرية قوية، مما يتطلب من كاتب السيناريو القدرة على تحويل الأفكار المجردة إلى صور.
على سبيل المثال، إذا كان هناك في الرواية وصف طويل لحالة نفسية معقدة يعيشها البطل، يمكن للكاتب السينمائي أن يستخدم الإضاءة، تعابير الوجه، وزوايا التصوير لنقل هذه الحالة. مثلاً، بدلاً من وصف مشاعر الوحدة التي يشعر بها البطل، يمكن تصويره في غرفة مظلمة وواسعة ليشعر المشاهد بهذا الإحساس من خلال المشهد البصري.
يجب على كاتب السيناريو أيضًا أن يفكر في كيفية تحويل التفاصيل الصغيرة في الرواية إلى صور بصرية مكثفة. يمكن للكاتب استخدام لقطات قريبة للتعبير عن تفاصيل دقيقة تعكس الجانب النفسي للشخصيات، مثل حركة اليدين أو تعابير الوجه، مما يمنح الجمهور فرصة للارتباط العاطفي مع الشخصيات دون الحاجة للكثير من السرد النصي.
3. تعديل الهيكل الزمني للأحداث
التحكم في الزمن والسرد الزمني هو عنصر أساسي في تكييف الروايات للسينما. الروايات غالبًا ما تحتوي على حبكة متشابكة وقد تتضمن تفاصيل خلفية أو فصول جانبية تهدف إلى تعميق الفهم للقراء. ولكن الفيلم السينمائي يجب أن يتسم بالإيقاع المتسارع نسبيًا، مما يعني أن على الكاتب أحيانًا تعديل التسلسل الزمني للأحداث ليكون مناسبًا.
قد يتطلب هذا إعادة ترتيب الأحداث أو استخدام تقنيات مثل الاسترجاع الفني (الفلاش باك) لإدخال الخلفيات دون الحاجة إلى مشاهد طويلة ومملة. على سبيل المثال، قد تحتوي الرواية على تفصيل طويل لحياة البطل قبل الحدث الرئيسي، لكن الفيلم يجب أن يركز على الأحداث الأساسية مباشرة، مع تقديم لمحات موجزة فقط عن الماضي. بهذه الطريقة، يمكن للمشاهد أن يتابع القصة بسلاسة دون الشعور بالملل.
يمكن للكاتب أيضًا التفكير في حذف أو دمج بعض الأحداث أو الشخصيات الثانوية التي لا تؤثر بشكل كبير على الحبكة الرئيسية، فبهذه الطريقة يتم الحفاظ على تركيز الفيلم على الخطوط الدرامية الأكثر أهمية. هذا التعديل لا يعني التقليل من أهمية الرواية، ولكنه يسهم في جعل القصة أكثر ملاءمة لشكل الفيلم.
4. استخدام الحوار بفعالية
يعتبر الحوار أحد أهم عناصر السيناريو، وخصوصًا عند تحويل الروايات إلى أفلام. في الرواية، يمكن للكاتب أن يعتمد على الوصف الداخلي والتعليقات التي توضح أفكار ومشاعر الشخصيات، لكن في السينما يكون الحوار الوسيلة الأساسية للتعبير عن هذه الأمور. لذا، يجب أن تكون الحوارات مختصرة ومعبرة، بحيث تقدم المعلومات اللازمة للجمهور دون إطالة.
يجب أن يعكس الحوار الشخصيات والمواقف، ويكون متماشيًا مع السياق العام للفيلم. عندما يستخدم الكاتب الحوار بشكل فعال، يمكن أن يكون أداة قوية لتطوير الشخصيات وتقديم الأحداث دون الحاجة للكثير من السرد. على سبيل المثال، يمكن لحوار قصير بين شخصيتين أن يعكس علاقتهما وتاريخ تعارفهما دون اللجوء إلى تفاصيل سردية طويلة. كذلك، يجب على الكاتب اختيار الكلمات بعناية، حيث يجب أن تكون كل كلمة في الحوار ذات قيمة، وتعبر عن حالة أو شعور، مما يسهم في تقديم شخصيات الفيلم بصورة عميقة وجذابة.
الخاتمة
إن تحويل الروايات إلى أفلام هو عملية تتطلب إبداعاً كبيراً وفهماً عميقاً للفرق بين الوسيلتين. من خلال فهم جوهر القصة، واستخدام الصور البصرية بشكل فعال، وتعديل الهيكل الزمني، واستخدام الحوار بذكاء، يمكن لكاتب السيناريو تقديم قصة الرواية بشكل يعبر عن روحها الأساسية، ويعزز جاذبيتها على الشاشة الكبيرة. عندما يتم اتباع هذه الإرشادات، يكون الفيلم قادرًا على نقل نفس المشاعر والأفكار التي تميزت بها الرواية، مما يمنح الجمهور فرصة لاكتشاف العمل الأدبي من منظور جديد وإبداعي.
إذا كنت في السعودية، فأنت محظوظ بفرصة التعرف على المبادرات والبرامج المقدمة من وزارة الثقافة، ممثلة في هيئة المسرح والفنون الأدائية وهيئة الأفلام ، وإذا كان لديك رغبة في انتاج البرامج أو الأفلام فلا تتردد في التواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا او عبر او الواتساب