نصائح للراغبين في دخول عالم التمثيل (الجزء الثاني)
تحدثنا من خلال مقال سابق عن أبرز النصائح وأجوبة عن أهم التساؤلات للراغبين بدخول عالم التمثيل. والمقدمة من الفنان باسم ياخور من خلال مقاطع مصورة. لنعود مع مجموعة جديدة من النصائح وأجوبة على تساؤلات جديدة قد تتبادر إلى أذهان عشاق الفن والمهتمين بدخول عالم التمثيل.
بالنقطة الأولى: هل التمثيل صدق أم كذب؟
كثير من الناس عندهم مفهوم شائع، بقلك عم يمثّل علينا!!. (عم يمثّل علينا) يعني عم يكذّب علينا ضمن استخدامهم اليومي، وهذا الحكي ليس صحيح على الإطلاق.
مفهوم مهنة التمثيل مختلف تماماً عن الشيء المتداول في الحياة اليومية، والتمثيل المقنع تحديداً عند الممثل الناجح هو حالة بمنتهى الصدق. لأن لا يمكن للمثل يقدر يقنعك إلا إذا كان متبني الشخصية وملاقيلها مبررات داخلياً.. وعم يحاول بكل الحالات أنه يخدمها صح بصدق مشاعر.
لا يمكن أن تبكي وتقدم حالة بكاء حقيقية وصادقة إلا إذا كنت أنت من جوّا حاسس بإحساس حقيقي، وعم تحاول توصله ضمن شيء احترافي.
كيف يعني؟
يعني ببساطة شديدة، حتى الشخصية الشريرة جداً وعديمة الأخلاق، وأنت عم تمثلها، لازم تقتنع بهالشخصية وتلاقيلا مبررات. بعد ما تخلص أدائها انساها وارجع لحياتك الطبيعية أوكي. بس وأنت عم تأدي هالشخصية لازم تكون مقتنع بكل لحظة أنه عندها أسبابها لحتى تعمل هذا الفعل، حتى لو كانت هالشخصية شخصية قاتل.
شخصية أبو نبال على سبيل المثال التي جسدّتها في مسلسل (الولادة من الخاصرة) هي شخصية يَصعُب التعاطف معها. شخصية واحد مجرم قاتل بلا رحمة، لكن بنفس الوقت لديه جوانب إنسانية. في عنده تعاطفه مع جابر، اللي خلاه مخلص لهالشخصية كل الوقت وعم يدافع عنه. في عنده علاقة حب تبين الجانب الإنساني فيه، هذه الشخصية وأنا عم اشتغلها حاولت وازن بين نقاطها السلبية ونقاطها الإيجابية. وحاولت اتبناها ولاقيلها أسبابها، ولذلك هذه الشخصية إلى حد كبير كثير من الناس حبتها وتعاطفت معها برغم أنها شخصية شريرة بالمطلق.
حتى بالكوميديا، شخصية جودي أبو خميس، هي شخصية شخص طماع انتهازي حسود وبنفس الوقت لصّ. لكن هذه الشخصية قدرت توصل لقلوب كثير من الناس. لأنها شخصية لها بيئتها ولها منطقها الخاص الذي يبرر أفعالها.
أخيرا حول هذه النقطة بالذات لا يمكن شخص يصدقك أو المشاهد يصدقك إلا إذا كنت عم تأدي وبصدق شديد وعم تستحضر إحساس داخلي حقيقي من جواتك. ولذلك منقدر نوصل لاستنتاج أو خلاصة أن التمثيل هو حالة من الصدق وليس حالة من الكذب على الإطلاق.
دليلك لتكوين الشخصية.. الأهم في عالم التمثيل
الآن سنتكلم عن نقطة مهمة جداً في التمثيل..
نحنا من وين نركب شخصياتنا؟ كيف نستقي المواد الأولية لحتى نصنع هذه الشخصية المقنعة؟. لأن ليس معقول نجيب شخصية من الهواء، لازم نجيب شخصية لها انعكاس حقيقي بالحياة اليومية، الناس شايفتها.
كل شيء نستقيه بشخصياتنا مصدره الأول والأخير هو الشارع، هو الإنسان اللي موجود بالشارع. هو الشخص الذي تلتقي فيه بشكل عابر بالصدفة، أو بتشوفه كموظف موجود بمكان معين. أو كسائق أو ككرسون بمطعم أو حتى أحياناً من الأصدقاء أو حتى طفل صغير مارئ قدامك بالصدفة.
ما بصير ننسخ شخصية متل ما هي شفناها ونقلدها بالحرف، إذا نسخنا ولزقنا، هيك ما منكون ممثلين هيك منكون مقلدين. التمثيل هو أنك تاخد تفصيل من شخصية وتفصيل تاني أنت شفته وتضيف شي منك أنت، من ابتكارك، من مخيلتك. وتصنع شي ضمن الحالة التي يتطلبها النص أو بيتطلبها الورق اللي بين يديك.
الواقع أساس الاقتباس في عالم التمثيل
يعني مثلا بزماني شفت ختيار، واقف عم يتفرج على موقع حفر وفي قدامه حفارة عم تشيل تراب وتكبه وهو مبهور بهاد المنظر عم يتطلع فيها ويقلها (يخربيتك ملا ماكينة)، يمكن تاخد هالجملة، ممكن تاخد طريقة تطليعتو وتركبها على شي تاني وتستفيد من هذه الشخصية.
ممكن تشوف شخص بيعمل كل شوي هيك (يحك أنفه)، ممكن تستفيد من هذا التفصيل، وتلاقيله مبرره النفسي. تجميع هذه التفاصيل ممكن من خلاله تعمل كاراكتر ناجح.
ما هي طريقة استحضار الحالات الانفعالية أثناء التمثيل؟
لما بدنا نستحضر حالة بكاء أو بدنا نغضب أو بدنا نضحك.
هذا الشيء ما بيجي من الصفر، هذا بيجي نتيجة عملية يعملها الممثل فكرياً وجسدياً ونفسياً لحتى يصل للذروة اللي بتكون مقنعة وبتتاخد كلقطة تلفزيونية أو كحالة مسرحية.
يعني ببساطة ممكن كتير من الممثلين نتيجة ضغط الوقت يحطولن دموع، لكن الدموع هنن عبارة عن نقطتين مي نازلين ليس لهم برأيي أي معنى. إلا إذا كانوا مرتبطين بتعابير وجه معينة، بحشرجة بالصوت أو بغصّة أو بخنقة بتطلع أثناء البكاء، هي لا يمكن عملها إذا كان حدا منقطلك دمع بعيونك.
لازم يكون في حالة جسدية، حالة صوت، تنفس معين، مختلفة عن الشي العادي اللي بصير. ولذلك كثير من الممثلين اللي بحطولن دموع (فيك) مزيفة، ما بيقدروا يوصلوا الحالة الصح. وبرأيي ببين هذا البكاء هو اصطناعي وليس بكاء حقيقي.
كيف نستحضر حالة بكاء حقيقي؟
ببساطة، مخيلتك بدها تكون شغالة وذاكرتك الانفعالية بدها تستحضر لحظات مؤلمة لك بالحياة. ممكن بلحظة تتذكر شي بخليك تغصّ أو شيء مؤلم أو فقدانك لأحد الناس اللي بتحبن.
وهذا بحطك مباشرةً بحالة عاطفية ما بتلاقي حالك بعد 10 ثواني أو 15 ثانية إلا بلشت تغرغر ودموعك بلشت تنزل. وممكن تكرر هاد الشي إذا كنت محترف لمرتين أو 3 مرات وراء بعض.
(مشهد تمثيلي يوضح طريقة التأثر بالشخصية)
نفس الشي بالنسبة للضحك، وأنا بالنسبة لي بشوف استحضار الضحك أصعب بكثير من استحضار البكاء. مع أن الناس أحياناً بتفكر العكس..
(مشهد تمثيلي يوضح طريقة الضحك)
نفس الشي بالنسبة للغضب، فينا نغضب بأن نصرخ ونرفع صوتنا. لكن هذا الغضب هو غضب ظاهري خارجي، أحيانا بكون في غضب مكتوم. أو غضب الشحنة فيه مبينة بالعيون، مبينة بحالة انفعالية بتخوّف اللي قدامك بدون ما يطلع صوتك على الإطلاق وهذا الأهم وخصوصاً بالسينما والدراما التلفزيونية.
(مشهد تمثيلي يوضح طريقة الغضب)
تكوين ردود الأفعال في عالم التمثيل
الخطأ الشائع الذي الكثيرين يرتكبونه، هو ردة الفعل المباشرة التقليدية والمتوقعة سلفاً. لما بيجيهن على سبيل المثال خبر سيء… بترفع سماعة التلفون بيجيك خبر فقدان حدا بتحبه أو حدا من عائلتك أو من أهلك فبتقول لااااا لااااا لااااا وبتصرخ.
ما في حدا بالحياة بيعمل هيك، ردة فعل كل إنسان بيختلف عن التاني. بس أكيد أكيد ما حدا رح يصرخ على سماعة التلفون بهذه الطريقة ويسلت من الكادر (يوقع). المنطق: هو أنك بدك تقيّم شو صار؟
حالة ذهول دموعك يمكن تنزل لحالها ما تقدر تسيطر عليها ممكن تختنق، ممكن يطلع منك صوت معين خفيف. وفي بعض الناس اللي هنن قلة قليلة ممكن يصرخوا، بس أكيد هذا الشيء بده دراسة وأكيد هذا الشيء ما لازم يكون شي تجاري بسيط نحنا نستسهله ونعمله بمنتهى البساطة. كمان حسب الشخصية المكتوبة لأن كل شخصية لها مواصفاتها وردة فعلها تختلف عن الشخصية الثانية.
نصائح للراغبين بالتقدم لفحص القبول في المعهد العالي للفنون المسرحية:
ما فيك تقدم على فحص المعهد وتعتبر إنك رح تحضّر حالك قبل 5 أيام. التحضير لهذا الموضوع يأخذ وقت، وبدك تجهز حالك منيح.
اسمه المعهد العالي للفنون المسرحية، يعني بدك تكون قارئ عدد منيح من المسرحيات العربية والمسرحيات الأجنبية أو الغربية.
قراءة الأعمال الكبيرة في عالم التمثيل
اقرأوا مجموعة كبيرة من المسرحيات المتنوعة عربياً، اقرأوا بالمسرح السوري على سبيل المثال لسعد الله ونوس الله يرحمه، توفيق الحكيم، ألفريد فرج.
ولازم كمان تقرأوا مسرح عالمي، وأنصح بشكسبير، لازم تقرأوا له على الأقل أربع أعمال:
هاملت، ماكبث، الليلة الثانية عشر، حلم منتصف ليلة صيف.
لازم أيضا تقرأوا مسرح أمريكي، وانا أنصح بمسرحيات أرثر ميلر.
اقرأوا أيضا مجموعة أعمال لـ (بروثولد بريخت) اللي هو كاتب ألماني كتب مجموعة كبيرة من المسرحيات المهمة والممتعة.
طبعاً انا ذكرت مجموعة أسماء… لكن الخيارات كثيرة وموجودة قدامكن انتو بتختاروا وانتو بتقرأوا… مثل (تشيخوف، موليير، كورني).
لكن أهم شي أنكن تكونوا قارئين مسرح بكمية كافية تجهزكم وتهيأكم أمام لجنة القبول لما تسألكم أي سؤال عن المسرح. ولما يسألوكن انتو قارئين مسرح شي؟ بتقولوا نعم وتعددوا المسرحيات اللي قارئينها فبيفهموا تمااماً أنهم أمام شخص مو جاية يقدم بشكل اعتباطي أو عبثي أو بس بحب مهنة التمثيل من برا، هو حدا مهتم ومتابع وقارئ للمسرح.
مشاهدة العروض المسرحية
الشي الثاني هي المشاهدة: لازم تحاولوا تشوفوا مسرح قدر الإمكان، إذا بمدينتكن أو بمكان قريب عليكن سمعتوا أنه يوجد مسرحية مهمة تُعرض روحوا شوفوا العرض المسرحي فوراً.
إذا صعب إنكن تروحوا تحضروا مسرح بشكل مباشر افتحوا على اليوتيوب وعلى الانترنت وشوفوا شوفي أعمال مسرحية مهمة وافهموا الحالة المسرحية من خلال مشاهدة التمثيل المسرحي على خشبة المسرح.
لما تروح بدك تقدم مونولوجك بدك تكون شايف شي، فهمان كيف الممثل المسرحي بخاطب الجمهور، عينه كيف بتتحرك، أدواته كيف تُستخدم. هذا يسهل عليك مهمتك كتير.
تقديم المونولوج في فحص القبول
المونولوج اللي بدك تقدمه، والحركات اللي بدك تعملها، اختار مونولوج ما بقل عن صفحة من أي مسرحية أنت بتحبها وبلش اقرأه بشكل يومي. وحاول تتبنى الحالة اللي فيه، احفظه عن ظهر قلب. لأن ما بصير وأنت عم تأدي تعكّ قدامن أو تبين مو حافظ.
بدو يروح كل تركيزك وكل جهدك لحتى تسترجع الكلمات وتتذكر، بدل ما يروح جهدك وتركيزك على أنك تأدي وتعمل شيء إبداعي.
نقاط هامة في المونولوج وفروقات جوهرية
المونولوج: لازم يكون متل ما قلنا مكثّف، تقطعه بالصمت المشحون، عينك تتطلع بشكل مباشر بعين أحد أعضاء اللجنة اللي انت تختاره، بنفس الوقت كل مقطع أو كل سطر أو كل حالة من هذا المونولوج لازم تعطيها حقها، انتبه جدا من نقطة كتير مهمة أن تحكي كل الكلام بنفس الطبقة وبنفس الحالة، هذا منسميه المونوتون، يعني أنت عم تحكي شي بدون فروقات، عم تحكي الحزن متل الفرح متل الانكسار وهذا ما بصير.
المونوتون قاتل، لازم تنتبه وانت عم تأدي مونولوجك في لحظات بتطلع فيها كذرى، عندك حالة غضب، بعد حالة الغضب، بترجع بتهدى، بترجع بتنكسر، بترجع بتلون الأداء.
ما بصير أدائك يكون خط بياني واحد.
المشهد الإيمائي الذي يطلب منك أن تؤديه، بسّطه قدر الإمكان، لا تعقده، لاقي فكرة بسيطة مهمة، التعبير عنها بشكل حركي يكون كتير بسيط وتوصل من خلالها رسالة أو فكرة هاد متروك لمخيلتك انت.
في تنبيه بدي نبهكن ياه، وانت عم تأدي مشهد معين أو مونولوج ومفكر حالك رح تخلصو عالأخير، بجوز أحد أعضاء اللجنة يقاطعك ويقلك: نفس هالجملة اللي فيها غضب أديها بشكل كوميدي، بدك تأديلو ياه كوميدي، بدك تجهز حالك وتكون دائما معتبر أنو ممكن يفاجؤك بطلب غير متوقع.
تلخيص نصائح فحص القبول بجملتين
من خلال هذا الشي اللي قلتلكن ياه، إذا فعلا قرأتوا، شاهدتوا مسرح، حضرتوا مونولوج صح، حضّرتوا مشهد إيمائي صح بتكونوا قربتوا كتير من تلبية احتياجات أو متطلبات الدخول في المعهد العالي للفنون المسرحية.
هذا الشيء يكمله مهارتكن واهتمامكن وإتقانكن للشيء اللي بتعملوه.
طبعا هذا الشيء ليس بسيط، بدو جهد بدو وقت كبير بس أخيراً النجاح فيه بحدد مستقبلكن وبحدد رغبتكن وبخليكن تدخلوا على الخط الصحيح بيصنع منكم ممثلين بالمستقبل ناجحين إن شاء الله.
باسم ياخور
إلى هنا نصل عزيزي القارئ إلى ختام أبرز النصائح لكل من يرغب بدخول عالم التمثيل. مع الإجابة على أهم التساؤلات والتي قد يغفل عنها أغلب عشاق مهنة التمثيل.