3 طرق لاستخدام الأشكال في السينما لتحقيق التوازن البصري والتعبيري
في السينما، تُعد أشكال الصورة (Visual Shapes) أحد العوامل الأساسية التي تساهم في بناء التكوين البصري للأفلام. العلاقة بين هذه الأشكال هي ما يخلق الإطار السينمائي المتناغم، حيث تساهم الأشكال المختلفة في توجيه نظر المشاهد وخلق إحساس بالتوازن أو التوتر داخل الصورة. في هذا المقال، سنستعرض مفهوم العلاقة بين أشكال الصورة وكيفية استخدامها بشكل تعبيري في السينما لخلق تكوين بصري يثري السرد السينمائي.
1. الأشكال الهندسية ودورها في تكوين الصورة
الأشكال الهندسية هي الأشكال التي يمكن أن تتواجد داخل الإطار السينمائي، وتشمل الدوائر، المربعات، المثلثات، والخطوط المختلفة. تُستخدم هذه الأشكال لإنشاء تكوينات بصرية تساعد على تنظيم العناصر داخل الإطار وتجذب انتباه المشاهد بطريقة معينة.
أ. الدوائر
الدوائر تمثل الأشكال الأكثر سلاسة في التكوين البصري، وغالبًا ما تعطي إحساسًا بالاكتمال والتوازن. تُستخدم الدوائر في السينما لإنشاء تركيبة بصرية تشعر المشاهد بالاستمرارية والانسجام. في كثير من الأحيان، تكون الدوائر مرادفة للانسجام أو الإغلاق، وغالبًا ما تُستخدم في المشاهد التي تتطلب إحساسًا بالاكتمال أو السلام.
ب. المربعات والمستطيلات
المربعات والمستطيلات تُعد أشكالًا أكثر استقرارًا وتعطي إحساسًا بالثبات والتنظيم. عندما يتم استخدام هذه الأشكال في التكوين البصري، فإنها تعزز إحساس النظام والتحكم. المربعات قد تُستخدم أيضًا في السينما لتعكس الاستقرار أو الرتابة، وغالبًا ما نجدها في مشاهد تُظهر هندسة معمارية أو أماكن محددة.
ج. المثلثات
المثلثات، على العكس من الدوائر والمربعات، تعكس التوتر والحركة. عندما يتم وضع العناصر في تكوين مثلثي داخل الإطار، فإن ذلك يعزز إحساس الصراع أو القوة. المثلثات غالبًا ما تُستخدم في مشاهد المواجهة أو التوتر لخلق ديناميكية بصرية وإبراز القوة أو النزاع بين الشخصيات.
2. التوازن البصري بين الأشكال
العلاقة بين الأشكال المختلفة داخل الإطار تُعتبر من أهم العوامل التي تؤثر على التكوين البصري. يعتمد التوازن البصري على توزيع الأشكال بطريقة تحقق انسجامًا بين العناصر المختلفة، سواء كانت متحركة أو ثابتة. هناك نوعان أساسيان من التوازن الذي يمكن تحقيقه في الإطار السينمائي: التوازن المتماثل والتوازن غير المتماثل.
أ. التوازن المتماثل
التوازن المتماثل يحدث عندما يتم توزيع الأشكال داخل الإطار بشكل متساوٍ على جانبي المحور المركزي. هذا النوع من التوازن يخلق إحساسًا بالاستقرار والهدوء، وغالبًا ما يُستخدم في المشاهد التي تتطلب إحساسًا بالثبات أو الانضباط. في التكوينات المتماثلة، يتم وضع العناصر الرئيسية في وسط الإطار أو يتم توزيعها بشكل متساوٍ على الجانبين.
ب. التوازن غير المتماثل
التوازن غير المتماثل هو توازن ديناميكي أكثر، حيث يتم توزيع الأشكال بطريقة غير متساوية، ولكن بطريقة تُحافظ على التوازن البصري. يُستخدم هذا النوع من التوازن لخلق إحساس بالحركة أو التوتر داخل الإطار. التوازن غير المتماثل يمكن أن يجعل المشاهد يشعر بأن هناك شيئًا غير متوقع أو ديناميكي في المشهد، وهو مثالي للمشاهد التي تتطلب توترًا أو عدم استقرار.
3. العلاقة التعبيرية بين الأشكال
إلى جانب التوازن البصري، يمكن أن تكون العلاقة التعبيرية بين الأشكال داخل الإطار أداة قوية لتوصيل معاني أعمق. في السينما، لا تُستخدم الأشكال فقط لتنظيم الإطار، بل أيضًا لخلق معانٍ تعبيرية قد لا تكون واضحة مباشرة للمشاهد. بعض الأمثلة على العلاقة التعبيرية بين الأشكال تشمل:
أ. الأشكال المتداخلة
عندما تتداخل الأشكال داخل الإطار، فإن ذلك يعكس نوعًا من العلاقة أو الترابط بين العناصر. على سبيل المثال، يمكن أن يعكس تداخل الشخصيات مع بعض الأشكال الهندسية شعورًا بالترابط أو الصراع، اعتمادًا على طبيعة المشهد. يمكن استخدام الأشكال المتداخلة لتعزيز الفكرة بأن الشخصيات متصلة ببعضها البعض بطريقة ما، سواء من خلال التفاعل الجسدي أو العاطفي.
ب. الأشكال المتعارضة
على العكس من ذلك، يمكن أن تُستخدم الأشكال المتعارضة لتعكس الصراع أو التناقض. عندما تتواجد الأشكال الهندسية المختلفة في تكوين متناقض، مثل مثلثات مع دوائر، فإن ذلك يمكن أن يعكس التوتر أو الصراع بين الشخصيات أو الأفكار داخل المشهد. هذه التقنية تُستخدم بشكل كبير في الأفلام التي تتناول موضوعات معقدة مثل الصراع النفسي أو الاجتماعي.
4. استخدام الأشكال في السرد البصري
في الأفلام، تُستخدم الأشكال الهندسية ليس فقط لتحقيق التوازن البصري، ولكن أيضًا لتوجيه نظر المشاهد وخلق ارتباطات بصرية معينة مع القصة. على سبيل المثال، في أفلام الخيال العلمي، تُستخدم الأشكال الهندسية الصارمة مثل المربعات والمستطيلات لتعكس بيئات مستقبلية أو آلية. في المقابل، قد تُستخدم الأشكال العضوية مثل الدوائر لتعكس طبيعة أو عواطف شخصيات معينة.
أ. توجيه نظر المشاهد
من خلال استخدام الأشكال في تكوين الإطار، يمكن للمخرج توجيه نظر المشاهد إلى نقاط معينة داخل الصورة. الأشكال القوية مثل المثلثات يمكن أن تجذب الانتباه إلى عنصر معين، بينما الأشكال الأكثر هدوءًا مثل الدوائر يمكن أن تُستخدم لخلق إحساس بالتناغم والانسيابية.
ب. تعزيز المعنى العاطفي
إلى جانب التوجيه البصري، تُستخدم الأشكال لتعزيز المعاني العاطفية داخل المشهد. على سبيل المثال، يمكن أن يعكس استخدام المثلثات الحادة في مشاهد الصراع أو المواجهة إحساسًا بالتوتر والخطر، بينما يمكن للدوائر الناعمة أن تعكس إحساسًا بالحب أو الحماية.
الخلاصة
تُعد العلاقة بين الأشكال أحد العناصر الرئيسية التي تساهم في بناء التكوين البصري في السينما. من خلال فهم كيفية استخدام الأشكال الهندسية المختلفة وتوزيعها داخل الإطار، يمكن للمخرجين إنشاء مشاهد متوازنة بصريًا وتعبيريًا. سواء كان الهدف هو تحقيق التوازن أو خلق توتر بصري، فإن الأشكال تُعد أداة قوية في خدمة السرد السينمائي وتعزيز التجربة البصرية للمشاهدين.
إذا كنت في السعودية، فأنت محظوظ بفرصة التعرف على المبادرات والبرامج المقدمة من وزارة الثقافة، ممثلة في هيئة المسرح والفنون الأدائية وهيئة الأفلام ، وإذا كان لديك رغبة في انتاج البرامج أو الأفلام فلا تتردد في التواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا او عبر او الواتساب